إرهاب المستوطنين التهديد الأكبر لسكان الضفة الغربية

مع ازدياد اعتداءات المستوطنين تزداد مخاوف المواطنين الفلسطينيين في كافة مناطق الضفة الغربية من حصول اعتداءات إرهابية وتهجير، وفي ظل وجود اعتقادات راسخة بتواطؤ الجيش الإسرائيلي مع المستوطنين، وضعف الثقة بنوايا وأداء قوى الأمن الفلسطينية، فإن الجمهور يضع ثقة أكبر بكثير في فاعلية المجموعات الفلسطينية المسلحة ويري في تشكيل هذه المجموعات في المناطق المستهدفة آلية فعالة وواقعية لحماية مناطقهم من هذه الاعتداءات  
28 أيلول (سبتمبر) -12 تشرين أول (أكتوبر) 2023 

 قام المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بإجراء استطلاع خاص للرأي العام الفلسطيني في الضفة الغربية وذلك في الفترة ما بين 28 أيلول (سبتمبر) – 12 تشرين أول (أكتوبر) 2023. شهدت الفترة السابقة للاستطلاع مجموعة من التطورات الهامة المتعلقة مباشرة بموضوع الاستطلاع، منها تصاعد في حدة وعدد الاعتداءات الإرهابية للمستوطنين. فقد شهد هذا العام تسارعاً في الأحداث وفي وتيرة عنف المستوطنين من قتل وتعذيب وحرق بيوت وبساتين وسيارات واعتداءات على دور العبادة على نحو غير مسبوق، وجاءت الكثير من هذه الاعتداءات تحت سمع وبصر الجيش الاسرائيلي وأحيانا بحمايته. إن هذه العام هو الأسوأ منذ عام 2005 حيث سُجل خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2023 أكثر من 1300 اعتداء نفذه المستوطنون على السكان الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، وقد شكل ذلك زيادة قدرها 40% مقارنة بالعام 2022. فقد تعرضت محافظة نابلس للاعتداءات الأكثر من عنف المستوطنين، خاصة في بلدات وقرى حوارة وبيتا ومادما ودير شرف وبرقا وقصرة وعصيرة القبلية وغيرها من القرى، تلتها محافظة رام الله، وخاصة في سنجل وترمسعيا وام صفا والمغير، ومحافظة الخليل، خاصة في منطقة البلدة القديمة في الأتش 2 وفي جنوب المحافظة.

إن الهدف الرئيسي من اعتداءات المستوطنين في المنطقة (ج) هو إجبار سكانها على مغادرتها لضمان بقاء هذه المناطق تحت سيطرتهم لتسهيل ضمها لإسرائيل. وقد شهد هذا العام تهجير 369 مواطن في 5 مواقع في محافظات رام الله والخليل والقدس. ففي محافظة رام الله تم تهجير موقع عين سامية، الذي يضم 200 مواطن، وموقع القابون، الذي يضم 86 مواطنا. وفي محافظة الخليل تم تهجير موقع خربة سمري، الذي يضم 20 مواطن، وجرى تهجير سكان وادي التحتا، الذي يضم أيضا 20 مواطن. وفي محافظة القدس تم تهجير موقع البقعة الذي يضم 33 مواطنا. وكانت هذه المواقع قد تعرضت لاعتداءات متنوعة من المستوطنين بحماية الجيش الإسرائيلي.

تجدر الإشارة إلى أنه تم استخدام عينتين في إجراء هذا الاستطلاع:

  1. عينة تمثيلية من البالغين في الضفة الغربية تمت مقابلتهم وجها لوجه قبل اندلاع الحرب الراهنة في قطاع غزة، باستثناء 13 مقابلة أجريت بعد ذلك.
  2. عينة إضافية كبيرة من البالغين تم إجراء المقابلات معها وجها لوجه، وجميعهم باستثناء 20 شخصا، تمت مقابلتهم بين 7-12 تشرين الأول (أكتوبر)، أي خلال الأيام الستة الأولى من الحرب بين إسرائيل وحماس، وقد أجريت هذه المقابلات في المناطق الأكثر عرضة لهجمات المستوطنين، لا سيما تلك التي تقع خارج نطاق الولاية الرسمية للشرطة الفلسطينية. لذلك، نتوقع أن تتأثر مواقف المشاركين من هذه المناطق بالظروف التي تبلورت بعد الحرب.
منهجية اختيار العينة: 

 

    تم إجراء هذا الاستطلاع الخاص بتهديدات المستوطنين وغياب الأمن في مناطق الضفة الغربية خلال الفترة من 28 أيلول (سبتمبر) إلى 12 تشرين أول (أكتوبر) 2023، وذلك على عينة تمثيلية كلية بلغ حجمها 1375 بالغ، آخذين في الاعتبار التقسيمات المختلفة بين (أ) و(ب) و(ج) الموسعة، والمقصود بالموسعة تلك المناطق في الضفة الغربية، بما في ذلك مناطق في القدس الشرقية، لا تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية من حيث صلاحية فرض النظام والقانون. وتم فوق ذلك إضافة عينات أكبر في مناطق محددة، مثل مناطق القدس الشرقية المعزولة عن بقية مدينة القدس بالجدار الفاصل، ومنطقة الأتش 2 في الخليل، ومناطق مختارة في منطقتي (ب) و(ج) تعرضت خلال السنة الراهنة لاعتداءات المستوطنين أو تعرض جيرانها للتهجير.

    تم اختيار العينة وفق التوزيع التالي:

    • عينة تمثيلية للبالغين، أي فوق 18 سنة، تم اختيارها بطريقة عشوائية وفق منهجية المركز في اختيار العينات التمثيلية وبلغ حجمها 795، تبلغ نسبة الخطأ +/-3%.
    • عينة إضافية بلغ حجمها 580 فرداً بالغاً قسمت على مناطق ذات مواصفات مختلفة، كما يوضح الجدول أدناه، وذلك للسماح بإجراء تحليل إحصائي موثوق للمناطق ذات التعداد السكاني المحدود.

    طريقة اختيار العينة الإضافية:

    • تم اختيار العينة الموسعة في المناطق المصنفة C، أو (ج)، وذلك بطريقة عشوائية من قائمة بكافة المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية.
    • مناطق القدس المعزولة، تمثل كل من مخيم شعفاط، كفر عقب، سميراميس، مخيم قلنديا. تم اختيار عينة عشوائية من تلك المناطق وفق منهجية المركز في اختيار العينات.
    • الأتش 2 في الخليل: تم اختيار العينة من هذه المنطقة وفق منهجية المركز في اختيار العينات.
    • مناطق تعرضت لاعتداءات المستوطنين: تم إحصاء كافة المناطق التي تعرضت لاعتداءات المستوطنين خلال عام 2023 وتم سحب عينة من هذه المناطق.
    • قرب مناطق تعرضت للتهجير: تم إحصاء كافة المناطق التي تعرض سكانها للتهجير خلال عام 2023 وتم أخذ عينة بالقرب من تلك المناطق.

    ملاحظة حول تحليل النتائج:

    من الضروري الإشارة إلى أنه عند تحليل النتائج أدناه قمنا باستخدام العينة التمثيلية التي قمنا بإعادة توزينها لتعكس التوزيع السكاني الحقيقي. أما عند تحليل المناطق الإضافية فقد تم استخدام العينة الكاملة لكل منطقة بدون الحاجة لإعادة التوزين وذلك لزيادة الثقة في هذه النتائج. عند الإشارة للمنطقة (ج) الموسعة فإن المقصود هو العينة الكلية التمثيلية والإضافية.

     

     

     

     

     

    النتائج الرئيسية:

     تشير نتائج هذا الاستطلاع الخاص المتعلق بالخطر الذي يمثله المستوطنون في الضفة الغربية على السكان الفلسطينيين إلى أن هذا الخطر يمتد ليشمل كافة المناطق الفلسطينية وأنه لا يقتصر على مناطق (ج) ومناطق (ب)، بل يشمل مناطق (أ) أيضاً، وأن هناك بعض المناطق التي يتفاقم فيها هذا الخطر ليشمل الغالبية الساحقة من المواطنين.  تشمل مخاوف السكان الفلسطينيين الاعتداءات على المساكن والممتلكات، ولكنها تشمل أيضاً الخوف من التهجير أو الإجبار على الانتقال لمناطق أكثر أمناً. 

    تشير النتائج إلى أن الجمهور الفلسطيني لا يثق أبداً بحمايه الجيش الإسرائيلي، بل ولا يثق أيضا وبنفس القدر بحمايه الشرطة الفلسطينية، وأنه يرى في تشكيل مجموعات مسلحة في المناطق المهددة من قبل المستوطنين الآلية الأكثر فاعلية وواقعية في حمايتهم من إرهاب المستوطنين.  كما تشير إلى أن الجمهور الفلسطيني لا يبدي ثقة بجدوى الاعتماد على تشكيل مجموعات غير مسلحة حيث أن هذه الآلية هي الأقل تأييداً بين الجمهور. 

     إن رفض الاعتماد على الجيش الإسرائيلي يعود لقناعة واسعة الانتشار بأن هذا الجيش هو نفسه مصدر تهديد إضافي للمواطنين. تقول أغلبية سكان المناطق التي تتعرض لاعتداءات المستوطنين إن هذا الجيش يقوم بمسانده المستوطنين في اعتداءاتهم، فيما تقول نسبه تبلغ الثلثين من كافة سكان الضفة الغربية إن هذا الجيش يقف متفرجا على هذه الاعتداءات، وتقول نسبه تقل عن عُشر السكان إن الجيش الإسرائيلي يوقف هذه الاعتداءات.

    أما السبب وراء تردد الجمهور الفلسطيني في طلب المعونة من الشرطة الفلسطينية فيعود لأسباب عدة، وعلى رأسها الاعتقاد بأن الشرطة الفلسطينية لا ترى أن من واجبها حماية المواطن الفلسطيني من اعتداءات المستوطنين وأنها لا تقوم بذلك فعلا حتى في مناطق انتشاره وسيطرته، لا أثناء الاعتداءات ولا بعدها. كما أن نصف الجمهور يعتقد ان أداء الشرطة الفلسطينية في منطقة سكنهم قد ساء مقارنة بالوضع قبل سنة او سنتين.  تقول نسبه ضئيلة جدا أن أوضاع الأمن اليوم أفضل مما كانت خلال السنوات الأربعة الماضية، وتقول الأغلبية إنها قد ساءت، بل إن نسبة تفوق النصف بقليل تقول بأن الشرطة الفلسطينية لا توفر لهم الحماية حتى من اعتداءات فلسطينيين آخرين.

    أخيرا، تظهر النتائج في المناطق الخاصة، أي تلك التي تم استخدام عينات إضافية وإجراء مقابلات فيها بعد اندلاع الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس، إحساسا بالتهديد أعلى بكثير مقارنة بالمناطق المماثلة التي تمت مقابلتها قبل الحرب. يعكس هذا الخوف الواسع قلقاً من أن المستوطنين يستغلون تطورين حصلا بعد الحرب، وهما تحول الاهتمام إلى قطاع غزة والحصار والقيود التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على حركة سكان تلك المناطق. يخشى سكان هذه المناطق من أن تخلق هذه التطورات بيئة يتمكن فيها المستوطنون من تنفيذ هجمات إرهابية ضد سكان المناطق الضعيفة مع الإفلات التام من العقاب، بل وربما بتواطؤ من الجيش الإسرائيلي.

    المستوطنون هم مصدر التهديد الأكبر : 

       

       يُعد تهديد المستوطنين هو المصدر الرئيسي للقلق بين الفلسطينيين في الضفة الغربية، ليس فقط في المناطق الواقعة خارج (أ) بل في المنطقة (أ) أيضاً. يقول 69% من كافة الفلسطينيين أنهم يخشون حصول اعتداءات من المستوطنين عليهم في المستقبل. ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 80% في المنطقة (ج) وما في حكمها من مناطق أخرى، و73% في المنطقة (ب)، وتنخفض إلى 61% في المنطقة (أ). عند النظر في المناطق (ج) الموسعة وما يُشبهها من حيث غياب الأمن فإننا نجد أن التهديد من إرهاب المستوطنين يتصاعد ليصل إلى 96% في المناطق التي شهدت أو لا زالت تشهد اعتداءات كهذه في المنطقتين (ب) و(ج)، ومنطقة الأتش 2 في الخليل حيث تصل هذه النسبة إلى 93%، وتصل إلى 75% في مجمل المنطقة (ج) الموسعة، وتهبط إلى 55% بين سكان القدس المعزولة.

      كما سألنا الجمهور عن مدى خشيته على نفسه أو عائلته في الحياة اليومية من اعتداءات المستوطنين. قالت أغلبية من 54% من كافة الجمهور أنها تخشى ذلك بشكل كبير جداً أو متوسط فيما قالت نسبة من 47% أنها تخشاه بشكل قليل أو لا تخشاه أبداً. ترتفع نسبة الخشية في المنطقتين (ج) و(ب) حيث تصل إلى 60% و58% على التوالي وتنخفض في المنطقة (أ) إلى 48%. عند النظر في المناطق (ج) الموسعة وما يُشبهها من حيث الخشية من إرهاب المستوطنين فإننا نجد أن هذه الخشية تتصاعد لتصل إلى 90% في المناطق التي شهدت أو لا زالت تشهد اعتداءات كهذه في المنطقتين (ب) و(ج)، وفي مجمل المنطقة (ج) حيث تصل هذه النسبة إلى 71%، ثم الأتش 2 في الخليل حيث تصل هذه النسبة إلى 82%، وتصل إلى 58% بين سكان القدس المعزولة.

      عند السؤال عما إذا كانت منطقة سكنهم قد تعرضت لاعتداءات من قبل المستوطنين خلال السنتين الماضيتين، أجابت نسبة 20% من كافة الجمهور بالإيجاب. ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 56% في المنطقة (ج) وما في حكمها وتنخفض لتصل إلى 7% في المنطقة (أ). كما ترتفع بين سكان المنطقة (ب) و(ج) الموسعة القريبة من مناطق تعرضت للتهجير والاعتداء لتصل إلى 77%، وتصل 65% في منطقة الأتش 2، وتتراجع إلى 3% فقط في مناطق القدس المعزولة.

      سألنا المشاركين في الاستطلاع فيما إذا كانت الأوضاع الأمنية في منطقه سكنهم والقيود التي يضعها الاحتلال تدفع جيرانهم لمغادرة المنطقة. تقول نسبة من 13% أن ذلك صحيح وتقول نسبة من 62% أن ذلك غير صحيح. ترتفع نسبة التأكيد بأن ذلك صحيح إلى 27% في المنطقة (ج) وتهبط إلى 10% في المنطقة (أ). أما في المناطق الخاصة فإن نسبة تأكيد مغادرة السكان ترتفع لتتراوح بين 51% في منطقة الأتش 2 في الخليل و42% في المنطقة المجاورة لمناطق الاعتداءات والتهجير وتهبط إلى 18% في مناطق القدس المعزولة. 

      وعند سؤال المشاركين في الاستطلاع فيما إذا كانت الأوضاع الأمنية في منطقه سكنهم تدفعهم هم أنفسهم للرغبة في الانتقال إلى منطقة أكثر أمناً، أجابت الغالبية العظمى سلباً، حيث قال حوالي 88% أنها لا تدفعهم للهجرة مقارنة ب 12% ممن يقولون أنها فعلا تدفعهم لذلك. لكن نسبة من يقولون نعم ترتفع في المنطقة (ج) لتصل إلى 19%. تتراوح نسبه من قالوا بأنها تدفعهم للهجرة بين 16% في المنطقة (ج) الموسعة و44% في منطقه اتش 2. تبلغ هذه النسبة الثلث في مناطق القدس المعزولة وحوالي الربع في مناطق التهجير والاعتداءات الاستيطانية. 

      مواجهة إرهاب المستوطنين : 

       

      سألنا الجمهور عن الطرق الأكثر نجاعة لمواجهة إرهاب المستوطنين، هل هي الاعتماد على الجيش الإسرائيلي لمنع هذه الاعتداءات، أم نشر قوات الشرطة الفلسطينية في المناطق المعرضة للاعتداءات، أم تشكيل مجموعات مسلحة من سكان تلك المناطق، أم تشكيل مجموعات غير مسلحة من سكان تلك المناطق. جاءت نتائج هذا السؤال الأكثر صدمة حيث لم نجد فرقاً في الإجابات في مواقف الجمهور بين تفضيلهم لدور جيش الاحتلال وقوى الأمن الفلسطينية:

      1.  قال ما يقارب نصف الجمهور أن تشكيل المجموعات المسلحة هو الخيار الاكثر نجاعة وكان هذا هو الخيار الأقوى عند سكان منطقه اتش 2 (64%)، ثم سكان المناطق التي تعرضت للتهجير أو لاعتداءات المستوطنين (58%)، ثم مناطق القدس المعزولة (54%)، ثم سكان المنطقة أ (46%)، ثم ب (44%) ثم مجمل المنطقة (ج) الموسعة (39%). 
      2.  جاء خيار نشر قوات الشرطة الفلسطينية في تلك المناطق في المرتبة الثانية حيث حصل على تأييد خمس السكان. اختار مجمل سكان المنطقة (ج) الموسعة هذا الخيار بنسبه أكبر من بقية المناطق (31%) فيما اختارته النسبة الأقل من سكان اتش 2 (13%).
      3.  جاء خيار اللجوء للجيش الإسرائيلي في المرتبة الثانية أيضاً حيث اختارته نسبة بلغت خمس السكان. جاءت النسبة الاكبر المؤيدة لهذا الخيار من بين سكان المنطقتين (ب) و(أ)، 29% و20% على التوالي، وجاءت النسبة الأقل (4%) من سكان منطقه اتش 2 ومناطق ج (7%).
      4.  جاء خيار تشكيل مجموعات غير مسلحة في المرتبة الأخيرة حيث اختاره عشر السكان فقط. جاءت النسبة الأكبر المؤيدة لهذا الخيار (20%) من بين سكان منطقه اتش 2، وجاءت النسبة الأقل (3%) من بين سكان مناطق القدس المعزولة. من الواضح أن غالبية السكان الفلسطينيين لا يرون في هذا الخيار حلاً فعالاً أو واقعياً في مواجهة تهديدات وعنف المستوطنين.

        رفض الاعتماد على حماية الجيش الإسرائيلي : 

         

         ما الذي يفسر وجود نسبه ضئيلة، تبلغ الخمس فقط، مؤيدة لطلب مساعدة الجيش الإسرائيلي في منع هجمات المستوطنين؟ تشير النتائج لسببين رئيسيين:

        1. أولاً، لأن الجيش الإسرائيلي هو مصدر تهديد رئيسي للسكان الفلسطينيين. إن مما يفاقم الخوف من إرهاب المستوطنين وجود درجة عالية من القلق والإحساس بالتهديد الذي يشكله الجيش الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين في كافة هذه المناطق. هناك درجه عالية من الخوف والقلق من اعتداءات الجيش الإسرائيلي تبلغ حوالي 70% من كافة السكان حيث يشعر هؤلاء بالقلق بدرجة عالية جدا إلى متوسطة فيما يقول الباقون أن قلقهم قليل أو غير موجود. تبلغ نسبة القلق هذه حوالي ثلاثة أرباع في المنطقة (ج) الموسعة. ترتفع نسبه الخوف من اعتداءات الجيش الإسرائيلي بشكل خاص في المناطق الأكثر عرضة لاعتداءات المستوطنين حيث تبلغ 93%، تتبعها مناطق اتش 2 (89%)، ثم مناطق ج الموسعة 78%، ثم القدس المعزولة (75%)، ثم تنخفض في منطقه (أ) إلى 67%.

        1.  ثانياً، عند السؤال عن دور الجيش الإسرائيلي في منع أو إيقاف اعتداءات المستوطنين تقول أغلبيه من 52% من سكان المنطقة جيم الموسعة ان الجيش الإسرائيلي يقوم بمسانده المعتدين من المستوطنين. ترتفع هذه النسبة بشكل خاص في المناطق الأكثر عرضة للتهجير أو الاعتداءات، حيث تبلغ 70% مما يفسر وجود نسبه ضئيلة بينهم مؤيده لإعطاء الدور للجيش في منع اعتداءات المستوطنين، وتنخفض في المنطقتين (أ) و(ب)، حيث تصل إلى 28% و22% على التوالي، مما يفسر تأييد سكانها الأكبر لإعطاء دور للجيش الإسرائيلي في منع اعتداءات المستوطنين. أما في منطقة اتش 2 فإن نسبة من 69% تقول إن الجيش الإسرائيلي يقوم بمراقبة اعتداءات المستوطنين بدون تدخل لمنعهم، وهو أيضا ما تقوله أغلبيه من 68% في المنطقة (ب) و61% في منطقه القدس المعزولة و45% في مجمل المنطقة (ج) الموسعة.

        التردد في طلب حماية الشرطة الفلسطينية : 

         

         وما الذي يفسر وجود نسبه ضئيلة، تبلغ الخمس أيضا، تطالب بنشر قوات الشرطة الفلسطينية للدفاع عن المناطق المستهدفة في اعتداءات المستوطنين؟ يكمن وراء ذلك أسباب عدة:

        1.  أولاً، من الواضح من النتائج أنه حتى اليوم لم يقم السكان بطلب هذه الحماية، حيث أن أكثر من 80% يقولون إن سكان بلداتهم لم يطلبوها من السلطة الفلسطينية. ترتفع نسبه القول بذلك في المناطق التي لا تستطيع الشرطة الفلسطينية الوصول إليها، مثل منطقة اتش 2، حتى تبلغ 95%، ثم مناطق القدس المعزولة (93%).  كما نجد نتائج مماثلة في المناطق الأقل عرضه لهجمات المستوطنين مثل المنطقة (أ) حيث تبلغ هذه النسبة 86%. لكن من الغريب أن نسبة عدم المطالبة عالية جدا أيضا في المنطقة التي توجد فيها اعتداءات كثيرة للمستوطنين، حيث تقول نسبه من 72% أن سكان بلداتهم لم تطالب بحماية السلطة الفلسطينية.

        1. إن تجنب طلب الحماية يبدو نتيجة لأمرين شديدي الأهمية: الأول هو الاعتقاد، الذي يجمع عليه كافة سكان الضفة الغربية الفلسطينيين تقريبا، بأن الشرطة الفلسطينية لا تريد ولا تقوم أصلاً بهذا الواجب، والثاني هو وجود اعتقاد مشابه بأن أجهزه الأمن الفلسطينية لا تقوم فعلاً من طرفها بأداء واجبها في الوصول لمناطق اعتداءات المستوطنين، لا أثناء ولا بعد حدوث تلك الاعتداءات. 
        • لنبدأ أولا بالاعتقادات بأن الشرطة الفلسطينية لا تقوم بهذا الواجب. تقول نسبه تزيد عن 90% أن الشرطة الفلسطينية لا تقوم بحمايتها من اعتداءات المستوطنين فيما تقول نسبه من 8% فقط أنها تقوم بذلك. ترتفع نسبه الاعتقاد بأن الشرطة الفلسطينية لا تقوم بواجبها هذا في مناطق متوقعة لكون هذه المناطق خارج سيطرة قوى الأمن الفلسطينية، مثل الأتش 2 (حيث تبلغ النسبة 100%) ومناطق القدس المعزولة (97%)، ومناطق (ج) حيث تبلغ 90%. لكن الغريب أن هذه الإجابة تمثل أيضا إجماع الفلسطينيين في المناطق المعرضة للتهجير أو لاعتداءات المستوطنين، حيث تبلغ هذه النسبة فيها 98%، رغم أنها مناطق مختلطة من (ب) و(ج)، وفي مناطق (أ) و(ب)، حيث تبلغ 90% و91% على التوالي. تشكل هذه النتائج إدانة قاسية وصريحة للسلطة الفلسطينية ودورها في حماية المواطنين الفلسطينيين من التهديد الأكبر الذي يواجههُم، وخاصة في المناطق الخاضعة مباشرة لسيطرتها الشرطية.

        •  كما أن الغالبية العظمى تقول إن أجهزة الأمن الفلسطينية لا تقوم بالوصول للمناطق التي تتعرض فعلاً لاعتداءات المستوطنين، سواء كان ذلك أثناء الاعتداءات أو بعدها.  فمثلا تقول نسبه من 94% من سكان المناطق المهددة بالتهجير أو التي وقعت فيها اعتداءات المستوطنين في منطقتي (ب) و(ج) أن أجهزة الأمن الفلسطينية لا تصل لمناطقهم أثناء أو بعد الاعتداءات.  ترتفع هذه النسبة، كما هو متوقع، لتصل إلى 100% في الأتش 2، فيما تبلغ 94% في مناطق القدس المعزولة، وهما المنطقتان اللتان لا تستطيع الشرطة الفلسطينية الوصول إليهما في كل الأحوال. تنخفض هذه النسبة بشكل ضئيل لتصل إلى 88% في مجمل المنطقة (ج) الموسعة، ثم تنخفض إلى 82% في المنطقة (ب)، ثم إلى 75% في المنطقة (أ) وهما المنطقتان اللتان تخضعان مباشرة للمسؤولية الرسمية للشرطة الفلسطينية من حيث فرض النظام والقانون. تشير هذه النتائج بوضوح إلى أن ثقة الجمهور الفلسطيني بإمكانية قيام الشرطة الفلسطينية بتوفير الحماية لشعبها ضد اعتداءات المستوطنين ضئيلة للغاية وأن السبب في ذلك يعود لمشاهداتهم وتجربتهم السابقة.

        1. بمعزل عن توفير الحماية لمواجهه اعتداءات المستوطنين، سألنا الجمهور عن آخر مره شاهد فيها تواجداً للشرطة الفلسطينية بلباسها الرسمي في منطقه سكنهم.  بينما تقول نسبه من 81% من سكان المنطقة (أ) إنهم قد شاهدوا ذلك خلال الأسبوعين أو الشهرين الماضيين، فإن هذه النسبة تهبط إلى 21% في منطقه الأتش 2، وإلى 23% في مناطق القدس المعزولة، وإلى 28% في المنطقة (ج) الموسعة، وهذه كلها من المناطق التي لا تقع ضمن مسؤولية الشرطة الفلسطينية. لكن هذه النسبة تهبط أيضاً في المنطقة (ب) التي تخضع لهذه السيطرة، حيث تبلغ 64% فقط، وكذلك في المناطق المعرضة لاعتداءات المستوطنين أو للتهجير، وكلتاهما في مناطق (ب) و(ج)، حيث تبلغ هذه النسبة 42%.

        1.  في السياق ذاته طلبنا من الجمهور أن يُقدر لنا إن كان أداء الشرطة الفلسطينية في توفير الأمن في منطقة سكناه قد تحسن أو ساء. تقول نسبه تبلغ النصف من كافة الجمهور أن هذا الأداء قد ساء أو ساء نوعا ما فيما تقول نسبة تبلغ 36% أنه قد تحسن أو تحسن نوعا ما، وتقول نسبة من 11% أنه قد بقي على حاله كما كان سابقا.  ترتفع النسبة التي تقول إنه قد ساء أو ساء نوعا ما في المناطق المعرضة للتهجير أو لاعتداءات المستوطنين (69%)، والأتش 2 (67%)، ومناطق القدس المعزولة (40%)، ومجمل مناطق (ج) حيث تبلغ 40%. لكن النتائج الأكثر إضرارا بمكانة الشرطة الفلسطينية تأتي من المنطقتين (أ) و(ب)، لأنهما الأكثر خضوعا لسيطرة الشرطة الفلسطينية، حيث تقول نسبه من 50% من سكان المنطقة (أ) و44% من سكان المنطقة (ب) إن أداء الشرطة قد ساء مقارنة ب 40% في (أ) و38% في (ب) يقولون إنه قد تحسن.

        1.  ينعكس هذا التقييم لأداء الشرطة الفلسطينية على التقييم لأوضاع الأمن وفرض النظام والقانون عموما حيث أن نسبه تبلغ حوالي 14% فقط تقول إن الأوضاع الآن أفضل، فيما تقول نسبه تبلغ حوالي 56% أنها أسوء مما كانت عليه خلال السنوات الأربعة الماضية، وتقول نسبه تقل عن 30% بقليل أن هذه الأوضاع بقيت كما كانت سابقا. ترتفع نسبه الاعتقاد بأن الأوضاع أصبحت أسوأ في مناطق الأتش 2 حيث تبلغ 80%، ثم المناطق التي تعرضت للتهجير أو اعتداء المستوطنين (73%)، ثم مجمل سكان المنطقة (ج)، حيث تبلغ 63%، وربما الأهم من كل ذلك، أن أغلبيه تبلغ 55% من سكان المنطقة (أ) و53% من سكان المنطقة (ب) ترى أن أوضاع الأمن والنظام والقانون قد أصبحت أسوء اليوم. في المقابل، فإن 18% فقط من المنطقة (أ) و15% في المنطقة (ب) تعتقد أن هذه الأوضاع قد أصبحت أفضل. 

        1. كما ينعكس نفس التقييم لأوضاع الأمن وفرض النظام على أداء الشرطة الفلسطينية من حيث توفير الحماية للمواطنين من تعديات فلسطينيين آخرين، حيث أن 47% يقولون إن الشرطة الفلسطينية تقوم بذلك فيما يقول نسبة من 51% أنها لا تقوم بذلك. ترتفع نسبه الاعتقاد بأن الشرطة الفلسطينية لا تقوم بتوفير هذا النوع من الأمن وفرض النظام والقانون في المناطق التي لا يوجد للشرطة الفلسطينية سيطرة عليها، مثل منطقة اتش 2، حيث تقول نسبه من 98% أنها لا تقوم بذلك، ومناطق القدس المعزولة، حيث تقول ذلك نسبة من 89%، ومجمل المنطقة (ج) الموسعة حيث تبلغ هذه النسبة 70%.  لكن ذلك صحيح أيضاً في المناطق التي تتعرض للتهجير أو لاعتداءات المستوطنين 85%، وهي مناطق فيها بلدات مختلطة من (ب) و(ج). أما بالنسبة للمناطق (أ) و(ب) فإن أغلبيه في المنطقة (أ) تصل إلى 59% تقول إن الشرطة الفلسطينية تقوم فعلا بذلك فيما تقول نسبه من 42% أنها لا تقوم بذلك.  كذلك، تقول نسبه من 51% من سكان المنطقة (ب) أن الشرطة تقوم بذلك فيما تقول نسبه من 47% منهم أنها لا تقوم بذلك. رغم كل ذلك فإن نسبة الإحساس بالأمن في المنطقة (ج) ومناطق اخرى مشابهة مثل الأتش 2 في الخليل ومناطق القدس المعزولة بالجدار الفاصل والتي لا تزيد عن 30% ترتفع كثيرا لتبلغ 70% في المنطقة (أ) و73% في المنطقة (ب). 

         

        _______________________________________________

        تم إجراء هذا الاستطلاع بتمويل من مكتب الممثلية الهولندية لدى السلطة الفلسطينية، المكتب ليس مسؤولا عن محتوى التقرير.