اعتراض رئيس الدولة على مشروعات القوانين التي يقرها البرلمان

 

عصام عابدين

 

تهدف هذه الدراسة إلى بيان تأثير رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الدولة، رئيس الجمهورية، الملك 00000) في النظم الدستورية على الوظيفة التشريعية للبرلمانات بتسمياتها من خلال ما يسمى بحق الاعتراض، وبيان متى يكون استعمال حق الاعتراض من قبل رئيس السلطة على مشروعات القوانين الجديدة التي تقرها السلطة التشريعية (البرلمان أو المجلس النيابي أو الجمعية الوطنية إلى غير ذلك من مسميات البرلمانات)؛ موقفاً لمشروع القانون بصفة مؤقتة (اعتراض توقيفي)، ومتى يكون ذلك الاعتراض منهياً بصورة مطلقة لامكانية وجود مشروع قانون أقره البرلمان ويتوقف تطبيقه على تصديق رئيس السلطة التنفيذية وإصداره له إذ باعتراضه عليه يلغى وينعدم وجوده بعد أن كانت السلطة المختصة بالتشريع قد أقرته. وهذا الحق في الاعتراض يبرر عادة بأنه يعطى لرئيس السلطة التنفيذية كوسيلة لايقاف مشروعات القوانين التي تؤثر على سياسة الحكومة، حتى لا تصبح قوانين نافذة مناقضة لسياسة الحكومة العامة التي منحت على أساسها الثقة.

 

ونظراً لأهمية حق الاعتراض في العلاقة بين السلطة التشريعية وبين السلطة التنفيذية نجد أغلب النظم الدستورية قيدت المدة التي يمكن أن يستعمل من خلالها حتى لا يظل مشروع القانون مدة طويلة مهدداً بالزوال وعدم النفاذ، كما أنها تحدد الجهة التي تملك استعمال هذا الحق، وكثيراً منها اشترطت أن يكون الاعتراض مقروناً بأسباب، ومن النظم الدستورية من أعطى الرئيس إمكانية الاعتراض على مجمل القانون ومنها من أجاز له الاعتراض جزئياً وحتى تعديله بعد أن أقره البرلمان.

 

ولخطورة الاعتراض على عمل السلطة التشريعية وضعت الدساتير حلولاً يتم بواسطتها تجاوز اعتراض السلطة التنفيذية على مشروع قانون وإيقافه وامتناعها عن اصداره وبالتالي عدم نفاذه.

 

ومن النظم الدستورية ما ميز بين استعمال حق الاعتراض على مشروع القانون المقر من البرلمان لأسباب قانونية وبين الاعتراض لغيرها من الأسباب، والقليل من الدساتير نظم حالة ما يسمى بالاعتراض العملي أو انتهاء الدورة البرلمانية قبل انقضاء المهلة التي يجوز الاعتراض على مشروع القانون خلالها. هذا وسنحاول تصنيف الحلول التي أخذت بها النظم الدستورية في اثنين وثلاثين دستور دولة، هي: 
فلسطين، الأردن، لبنان، مصر، سوريا، المغرب، تونس، السودان، الجزائر، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الكويت، استراليا، البرتغال، التشيك، السلوفاك، ساحل العاج، إيطاليا، الولايات المتحدة الأمريكية، تركيا، فنلندا، الهند،،فرنسا، اليونان، بريطانيا، بولندا، كوريا الجنوبية، النمسا، اليابان، موريتانيا، الصومال، "إسرائيل".

 

هذا ويجد المتتبع للحلول التي أخذت بها هذه الدساتير للمشكل الناتج عن اعتراض رئيس الدولة عن مشروع القانون الذي اقره البرلمان في أغلبها تتفق على أن الاعتراض يوقف مشروع القانون إلى حين إعادة إقراره من البرلمان أو إسقاط المشروع.

 

ولكن الواقع العملي قد يكشف عن مشكل الاعتراض السلبي على مشروع قانون يقره البرلمان، بمعنى أن السلطة التشريعية تقر مشروع قانون وترسله إلى رئيس السلطة التنفيذية لإصداره أو للاعتراض عليه فلا يصدره ولا يعترض عليه ويحتفظ به لمدة أطول من المهلة المنصوص عليها للإصدار أو للاعتراض، فمعظم نصوص الدساتير تقرر أنه إذا لم يعترض الرئيس على مشروع القانون خلال المدة المنصوص عليها اعتبر قانوناً وأصدر أو ينشر فوراً في الجريدة الرسمية، ولكن يبدو أن هذه النصوص لا تحل مشكل امتناع الرئيس عن الإصدار في ظل النظم التي تقر عدم مسؤولية الرئيس سياسياً أمام البرلمان.

 

وفي مثل هذه الحالة حبذا لو يتم إجراء تعديل في القانون الأساسي الفلسطيني وفقاً لآلية المـادة (111) منه والتي تعطي إمكانية التعديل في أحكام القانون الأساسي الفلسطيني بموافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني، وكذلك الحال في مشروع الدستور الفلسطيني المقترح والذي لم يدخل بعد إلى القنوات الرسمية؛ وذلك بإضافة مادة تجعل الاختصاص بنشر مشروع القانون الذي أقره البرلمان (المجلس التشريعي) وأبلغ به الرئيس ولم يعترض عليه خلال مدة الثلاثين يوماً من اختصاص المجلس التشريعي فيأمر بنشره، وهكذا يمكن اعتباره قانوناً وتنفذه أجهزة الدولة ويلتزم به الأفراد، وإلاّ ستبقى جملة "اعتبر قانوناً وأصدر أو ينشر" نظرية.