كانون أول (ديسمبر) 2018

تتأثر النخبة لدى الطرفين بانطباعاتها عن مواقف مجتمعها وبانطباعاتها عن مواقف المجتمع لدى الطرف الآخر بحيث أن الذين يعتقدون أن مجتمعهم أو المجتمع لدى الطرف الآخر مؤيد لحل الدولتين يبدون استعداداً لاتخاذ خطوات أو الإعراب عن التأييد لصالح هذا الحل. لكن النخبة الفلسطينية والإسرائيلية منقسمة حسب مواقفها الإيديولوجية وانتماءاتها السياسية مثلها في ذلك مثل بقية المجتمع لدى الطرفين، لكن النخبة قد تكون أكثر استقراراً في مواقفها مقارنة بالجمهور العام، وتبدو الفجوة أوسع لدى النخبة بين مواقفها من فكرة حل الدولتين مقارنة بموقفها من الخطة التفصيلية. تؤثر  المواقف والانتماءات المسبقة على ردة فعل النخبة على المعطيات الجديدة حول مدى تأييد طرفهم أو الطرف الآخر لحل الدولتين.

هذه هي نتائج استطلاع النخبة المشترك الثاني للنبض الفلسطيني-الإسرائيلي الذي قام بإجرائه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في رام الله ومركز تامي شتايمتز لأبحاث السلام في جامعة تل ابيب بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

شملت العينة الفلسطينية 490 فرداً وشملت العينة الإسرائيلية 153 فرداً وضمت العينتان أفراداً من الأكاديميين ورجال الأعمال والصحفيين والسياسيين والمجتمع المدني. تم إجراء المقابلات بالهاتف مع أفراد العينة الإسرائيلية خلال شهري آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) 2018 وقامت بإجراء المقابلات شركة أبحاث مدجام. أما المقابلات في الجانب الفلسطيني فقام بإجرائها باحثو المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية خلال شهر تموز (يوليو) 2018.

1) الأهداف والمنهجية:

هدف استطلاع النخبة هذا إلى معرفة بعض خصائص النخبة لدى الطرفين، مثل مدى اطلاعها على مواقف أغلبية الجمهور لدى طرفهم ولدى الطرف الآخر ومدى العلاقة بين هذا الاطلاع والموقف من حل الدولتين. يشكل الاستطلاع تجربة تهدف لتحقيق الأهداف التالية:

1) استكشاف التأثير الذي يتركه معرفة الفرد بوجود أغلبية من الجمهور داخل مجتمعة مؤيده لحل الدولتين.

2) استكشاف التأثير الذي يتركه معرفة الفرد بوجود أغلبية من الجمهور في الطرف الأخر مؤيده لحل الدولتين.

بالنسبة لهذين الهدفين كان سؤال البحث هو ما يلي: هل تجعل هذه المعرفة أفراد النخبة هؤلاء أكثر أو أقل تأييداً لهذا الحل؟

3) استكشاف التأثير الذي تتركه المعرفة والمعلومات على مدى انتشار ظاهرة الجهل بالطرف الآخر وإساءة فهم مواقفه بين أفراد النخبة الفلسطينية والإسرائيلية.

كان السؤال البحثي المتعلق بهذا الهدف هو ما يلي: هل النخبة المطلعة على مواقف مجتمعها أو المجتمع الآخر أكثر قدرة على تقدير مواقف الطرف الآخر بشكل صحيح؟ وهل هي أقل استعداداً لإساءة فهم نوايا الطرف الأخر بعيدة المدى تجاه الصراع بين الطرفين؟

لكي نختبر هذه القضايا قام الاستطلاع بتوفير المعلومات الصحيحة المتعلقة بالرأي العام التي تم جمعها من خلال استطلاعات نبض الرأي العام المشتركة، ثم قام بفحص ردة فعل أفراد النخبة على هذه المعطيات. بناءاً على هذه التجربة قام الاستطلاع بتقدير ردة فعل أفراد النخبة على المعطيات التي تؤكد أو تناقض مواقفهم المسبقة، أي كيف قاموا بتقدير مصداقية هذه المعطيات وهل كانوا على استعداد لتغيير توجهاتهم بناءاً عليها.

بالتحديد، قمنا بسؤال أفراد النخبة عن مدى تأييدهم أو معارضتهم لعملية السلام (وقد شكل هذا الموقف المتغير التابع في هذا الاستطلاع) وذلك من جوانب ثلاث:

1) الموقف من فكرة حل الدولتين

2) الموقف من رزمة شاملة للحل الدائم القائم على أساس حل الدولتين

3) مدى الاستعداد للحديث في صالح أو ضد حل الدولتين أو لأخذ خطوات عملية لصالح أو ضد هذا الحل.

كذلك قمنا بطرح ثلاثة أسئلة لتحديد مواقف النخبة وبشكل خاص انطباعات أفرادها عن مواقف الأغلبية لدى طرفهم ولدى الطرف الآخر (وقد شكلت هذه المواصفات المتغير المستقل في الاستطلاع) وذلك من جوانب ثلاث:

1) الانطباع حول مواقف الأغلبية لدى طرفهم أو مجتمعهم من حل الدولتين

2) الانطباع حول مواقف الأغلبية لدى الطرف أو المجتمع الآخر من حل الدولتين

3) الانطباع حول مدى صحة أو عدم صحة نتائج الاستطلاعات التي تشير إلى التأييد بين الجمهور الفلسطيني والإسرائيلي لفكرة حل الدولتين ولرزمة حل شامل قائم على أساس حل الدولتين.

 

مواصفات العينة:

من الضروري الإشارة إلى أنه من ناحية منهجية لم يهدف استطلاع النخبة هذا إلى معرفة آراء أفراد النخبة لدى الطرفين من عملية السلام، ويعود السبب في ذلك إلى عدم توفر معلومات كافية تحدد خصائص العينة التمثيلية للنخبة. لذلك لا يدعي هذا الاستطلاع أن النخبة المختارة كانت نخبة تمثيلية لكافة أفراد النخبة لدى المجتمعين . لكن النتائج المذكورة هنا تمثل نموذجاً للتفكير لدى النخبة وللقدرة الكامنة على تغيير مواقف هذه النخبة ذات التأثير الواسع لدى مجتمع الطرفين. كما أنها تقوم بتقدير مدى الانسجام الداخلي والتمايز في المواقف بين أفراد هذه النخبة، مثلاً، هل هناك انسجام وثبات في المواقف؟ وكيف تقوم هذه المجموعة بالتصرف حيال ظهور معلومات جديدة.

إن مما زاد من تعقيدات هذا التحدي المنهجي وجود نسبة عالية من الرفض للمشاركة في الاستطلاع بين أفراد النخبة. من الممكن نظرياً بالطبع إعادة توزيع العينة لضمان تمثيل كافة أنواع النخبة وتوجهاتها الأيديولوجية والسياسية، لكن هذا التوزيع سيبقى افتراضياً وغير مبني على قاعدة علمية موثقة تحدد حجم كل فريق، سواءاً بالنسبة للمهنة أو التوجه الأيديولوجي أو السياسي. لذلك ليس من الممكن في هذا الوقت تعميم النتائج على كافة أفراد النخبة لدى  الطرفين. لكل ذلك ينبغي النظر إلى هذا المشروع البحثي الذي اشتمل على استطلاعين للنخبة على أنه دراسة أولية تجريبية.

بالرغم من أن النتائج المتعلقة بالمواقف المختلفة للنخبة لا يمكن تعميمها، فإن لهذه النتائج فائدة عظيمة من حيث إلقاء الضوء على العلاقات المترابطة بين مواصفات النخبة من جهة ومواقفها السياسية من جهة أخرى، وهذا هو الهدف الرئيسي لهذا الاستطلاع. بعبارة أخرى، يهدف الاستطلاع لفحص وجود أو عدم وجود علاقات مترابطة بين المواصفات والمواقف وليس لفحص ماهية المواقف. لذلك، فإن ضعف تمثيلية العينة لا تشكل عيباً في الدراسة ولا تؤثر على نتائجها الموصوفة أدناه. مع ذلك، كان من الضروري للاستطلاع أن يشمل كافة أشكال مجموعات النخبة ذات التأثير في كلا المجتمعين. تشمل العينة الفلسطينية 490 فرداً منهم 18%من الأكاديميين، و26% من المجتمع المدني المنتظم، و22% من النخبة السياسية و17%من الصحافة ووسائل الإعلام، و18% من القطاع الخاص. أما العينة الإسرائيلية فشملت 153 فرداً، موزعين كما يلي: 39% أكاديميين، 26% من قادة القطاع الخاص، 13% من السياسيين، 12% من وسائل الإعلام والصحافة، و10% من المجتمع المدني المنظم.

تشمل العينة تمثيلاً لكافة أطياف التوجهات السياسية والأيديولوجية. في الجانب الإسرائيلي كان حجم أولئك الذين عرفوا انفسهم على أنهم من اليسار أو الوسط أو اليمين مختلفاً عن التوزيع العام لدى الجمهور الإسرائيلي كما تعكسه استطلاعات الرأي العام بين كافة الجمهور، حيث قال ما يقارب 33% أنهم من اليسار، 32% من الوسط، و33% من اليمين، أي أن التوزيع كان متوازناً بين المجموعات الثلاث بحصول كل مجموعة على الثلث (أما التوزيع العام لدى الجمهور فيحصل فيه اليمين على أكثر من النصف فيما يحصل الوسط واليسار معاً على حوالي 42%).  كذلك، قالت نسبة من حوالي 69% أنهم من العلمانيين، و16% من التقليديين، و12% من المتدينيين، و3% من الحرديم. في الجانب الفلسطيني قالت النسبة الأكبر (36%) أنها لا تنتمي أو تؤيد أياً من الأحزاب أو القوى السياسية المعروفة وقالت نسبة من 34% أنها تؤيد فتح، و10% حماس و17% من القوى الثالثة.

 

2) النتائج الرئيسية:

بالرغم من أن العينة قد لا تكون تمثيلية، فإننا لا يمكننا الجزم بأنها ليست كذلك. لهذا فإننا نعتقد أن من المفيد لهذه الدراسة التجريبية أن تصف أراء النخبة وذلك بناءاً على توجهاتها السياسية، أي اليمين والوسط واليسار في إسرائيل، وفتح وحماس والقوى الثالثة، وغير المنتمين في فلسطين. كما في استطلاعات الرأي العام الأخرى التي قمنا بإجرائها، فإن النتائج التالية تشير بوضوح إلى أن الانتماء السياسي هو العامل الأكثر حسماً في الآراء.

 

آراء النخبة حول فكرة حل الدولتين:

سألنا أفراد عينة النخبة عن تأييدهم أو معارضتهم للفكرة التي تنادي بحل الدولتين التي تقوم "على أساس إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل". تشير النتائج في الجانب الفلسطيني إلى أن أغلبية من كافة النخب تؤيد حل الدولتين، حيث أظهرت النخبة المؤيدة لفتح نسبة التأييد الأعظم (83%) يتبعها مؤيدوا القوى الثالثة (52%)، ثم غير المنتمين (52%) وأخيراً حماس (54%). أما في الجانب الإسرائيلي فإن نسبة التأييد الأعلى كانت بين اليسار (96%)، ثم المركز (78%) وأخيراً اليمين (30%).

تؤيد هذه النتائج ما وجدناه في استطلاعات سابقة بين أفراد الرأي العام لدى الطرفين حسب انتمائهم السياسي، مما يؤكد أن هذا الانتماء يلعب دوراً أساسياً في تشكيل مواقف الجمهور والنخبة معاً. كما تشير هذه النتائج أيضاً إلى أنه حتى بين أفراد المجموعات الأكثر تشدداً، مثل مؤيدي حماس واليمين، فإن هناك أقلية ممن يؤيدون حل الدولتين. كذلك تشير النتائج إلى أن الوسط في إسرائيل يعبر عن مواقف أقرب لليسار منها لليمين حتى ولو كان حجم النسبة المؤيدة بين الوسط أقل بكثير مما هي عليه الحال لدى اليسار.

كذلك هناك مقارنة في الجانب الإسرائيلي عند النظر في الجمهور العام: تظهر النخبة اليسارية والوسطية نسبة أعلى من التأييد لحل الدولتين في هذا  الاستطلاع مقارنة بجمهور اليسار والوسط. شهدت السنتين الماضيتين هبوطاً في نسبة تأييد اليسار لحل الدولتين بعد أن كانت هذه النسبة في كانون اول (ديسمبر) 2016 مشابهة للتأييد بين النخبة اليسارية. كما أن الوسط يؤيد هذا الحل بشكل شبه ثابت حول 64%-65%. إن هذا قد يعني أن النخبة تظهر انسجاماً أكثر ثباتاً مع مرور الوقت بين مواقفها من هذه المسألة والصفة المعطاة لها، أي اليسارية أو الوسط الحمائمي.

تنطبق هذه الملاحظة الأخيرة على الطرفين، حيث حافظت المواقف على ثباتها منذ عام 2017، مقارنة بالهبوط الذي تظهره الاستطلاعات في مواقف الجمهور لدى الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي. هناك استثناء لهذه الملاحظة يتعلق بحماس، حيث تشير نتائج هذا الاستطلاع إلى تضاعف حجم  التأييد لحل الدولتين بين نخبها، مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار صغر حجم العينة.

 

آراء النخبة حول رزمة حل دائم يقوم على أساس حل الدولتين:

سألنا الطرفين عما إذا كانوا يؤيدون أو يعارضون خطة لتنفيذ حل الدولتين تشمل ما يلي: " قيام دولة فلسطينية بدون تسليح في حدود قريبة من حدود عام 1967 وتقوم فيها إسرائيل بضم كتل استيطانية كبيرة مقابل تبادل أراضي متساوي في الحجم تعطى للدولة الفلسطينية وتقوم إسرائيل بإخلاء المستوطنات المتبقية وتكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين والقدس الغربية عاصمة لدولة إسرائيل ويسيطر كل طرف على أماكنه المقدسة في البلدة القديمة ويتمكن اللاجئون الفلسطينيون من العودة للدولة الفلسطينية وتقبل إسرائيل بعودة عدد محدود من اللاجئين لأراضيها ضمن برنامج لجمع الشمل. هل تؤيد أم تعارض هذه الرزمة".  وهذا هو نفس السؤال الذي نسأله للجمهور عموماً في استطلاعات الرأي العام المشتركة.

تشير النتائج إلى أنه يوجد تأييد لهذه الرزمة بين أغلبية النخبة المؤيدة لفتح (61%)، ولكن بقية أعضاء النخبة الفلسطينية بكافة توجهاتهم السياسية رفضوا الرزمة: 30% فقط مؤيدي حماس، و31% بين مؤيدي القوى الثالثة، و34% بين غير المنتمين. أما بين الإسرائيليين فإن نسبة التأييد كانت عالية جداً بين اليسار (90%)، وعالية نسبياً بين الوسط (51%)، ولكنها منخفضة جداً (10%) بين اليمين.  

 

لا تختلف هذه النتائج كثيراً عن تلك التي حصلنا عليها في الاستطلاع السابق العام الماضي وبالتالي فإن التوجهات العامة تبدو منسجمة ومتسقة في الحالتين: هناك فجوة كبيرة بين نسبة مؤيدي فكرة حل الدولتين من حيث المبدأ  وأولئك الذين يؤيدون هذا الحل عند معرفة التفاصيل المتعلقة به. تتسع هذه الفجوة بين النخبة أكثر مما هي الحال بين الجمهور ككل.

 

  • تبلغ نسبة تأييد  فكرة حل الدولتين  بين كافة أعضاء  النخبة الإسرائيلية 67%، لكن 50% فقط يؤيدون خطة تفصيلية لهذا الحل، أي أن الفجوة تبلغ 17 نقطة مئوية. أما بين الجمهور الإسرائيلي ككل، فإن 49%  أيدوا الفكرة في حزيران (يونيو)  2018 فيما أيد الخطة التفصيلية نسبة من 46%، أي أن الفجوة هنا تتقلص لثلاث نقاط مئوية (تشير النتائج إلى أن هذه النتيجة تنطبق  على الإسرائيليين اليهود مثلما تنطبق على العرب الإسرائيليين).
  • أما بين النخبة الفلسطينية فتبلغ نسبة تأييد فكرة حل الدولتين 62% مقارنة بنسبة تأييد تبلغ  42% فقط للخطة  التفصيلية، أي أن الفجوة تبلغ 20 نقطة وبهذا فهي تشبة  النتائج بين النخبة الإسرائيلية. أما بين الجمهور الفلسطيني فإن الفجوة تتقلص حيث تبلغ نسبة التأييد للفكرة 43% وللخطة 37% بفجوة مقدارها 6 نقاط مئوية فقط.
  • إن هذه الفجوة لدى النخبة لدى الطرفين تزداد عند النظر في نتائج المجموعات الفرعية لكلا النخبتين فمثلاً، فيما تؤيد حل الدولتين نسبة من 78% من نخبة الوسط فإن 51% فقط يؤيدون الخطة التفصيلية، أي بفجوة قدرها 26 نقطة. كذلك، في الجانب الفلسطيني فإن 83% من مؤيدي فتح يؤيدون الفكرة ولكن نسبة تأييد الخطة التفصيلية تقل عن ذلك بـ 21% نقطة حيث تبلغ 61% فقط.
  • كذلك فإن الفجوة في المواقف بين جمهور الوسط واليسار الإسرائيلي كبيرة من حيث نسبة تأييد الفكرة مقابل الخطة التفصيلية. لكن هذا الاستنتاج لا ينطبق على جمهور اليمين الإسرائيلي حيث تبلغ نسبة تأييد فكرة حل الدولتين 23% فيما قالت نسبة من 31% في حزيران (يونيو) 2018 أنها تؤيد الخطة التفصيلية.

 

دور الحوافز:

لفحص مدى قوة المعارضة للرزمة عرضنا على الفلسطينيين والإسرائيليين الذين رفضوا رزمة الحل الدائم تعديلاً على شكل حافز إضافي لقبول الرزمة. بالنسبة للفلسطينيين، فإن الحافز أشار إلى أن "إسرائيل ستعترف بالحقوق الفلسطينية الوطنية والتاريخية بدولتهم المستقلة على حدود 1967 وتعترف بدورها في معاناة اللاجئين الفلسطينيين". تشير النتائج إلى أن ردة الفعل الأكثر إيجابية كانت بين مؤيدي حماس، حيث أعربت نسبة من 43% منهم عن تغيير موقفها وقبولها بالرزمة فيما لو تضمنت هذا الحافز، فيما كانت نسبة التغيير الإيجابي بين مؤيدي فتح 54%، وبين أفراد النخبة غير المنتمين 30%، وبين مؤيدي القوى الثالثة 31%.

أما بين أفراد النخبة الإسرائيليين الذين عارضوا الرزمة، فإن الحافز أشار إلى أن "القيادة الفلسطينية ستعترف بالصلة الدينية والوطنية لإسرائيل بالمنطقة، وحقها في الوجود كدولة يهودية."  كانت النسبة الأكثر إيجابية بين أفراد النخبة من الوسط (30%)، ثم بين اليمين (21%). من الضروري الإشارة إلى أن عدد المعارضين للرزمة بين أفراد العينة الإسرائيليين من الوسط واليسار كان ضئيلاً، ولهذا ينبغي أخذ ذلك بعين الاعتبار.  

إنطباعات النخبة حول رأي الأغلبية السائد لدى المجتمع الذي ينتمي إليه النخبة:

سألنا النخبة لدى الطرفين عن تقديرها للرأي السائد لدى مجتمعها عن فكرة حل الدولتين. أعربت الأغلبية من مؤيدي فتح والقوى الثالثة (72% و51% على التوالي) عن اعتقادها بأن أغلبية الجمهور الفلسطيني تؤيد هذا الحل. وقالت نسبة من 39% من غير المنتمين و48% من مؤيدي حماس بأن أغلبية الجمهور الفلسطيني تؤيد حل الدولتين. أما بين أفراد النخبة الإسرائيليين فتشير النتائج إلى أن نخبة اليسار فقط (45%) هم الذين يسود لديهم اعتقاد بأن أغلبية الجمهور الإسرائيلي تؤيد فكرة حل الدولتين، فيما قالت نسبة من 49% من الوسط و24% من اليمين بأن أغلبية الإسرائيليين تؤيد هذه الفكرة.

تشبه هذه النتيجة إلى حد كبير مواقف الجمهور لدى الطرفين حيث أن التوجه الإيديولوجي السياسي لأعضاء النخبة تؤثر على تقديراتهم للتوجهات وللآراء في مجتمعهم بشأن حل الدولتين، حيث أن مؤيدي فتح ومؤيدي اليسار يميلون للاعتقاد بأن أغلبية جمهور بلادهم تشاركهم الرأي حول حل الدولتين. أما أصحاب التوجه اليميني ومؤيدو حماس فيميلون للاعتقاد هم أيضا بأن أغلبية الجمهور في بلادهم تشاركهم الرأي حول حل الدولتين.


إنطباعات النخبة حول رأي الأغلبية السائدة لدى المجتمع الآخر:

سألنا النخبة لدى الطرفين عن تقديرها لآراء الأغلبية لدى الطرف الآخر عن حل الدولتين. قالت نسبة بلغت حوالي النصف )48% (من مؤيدي فتح، و58% من مؤيدي حماس، و35% من مؤيدي القوى الثالثة، و25% من غير المنتمين بأن الأغلبية في إسرائيل تؤيد هذا الحل. أما بين النخبة الإسرائيلية فإن نصف اليسار (49%) اعتقدت بوجود تأييد لدى أغلبية الجمهور الفلسطيني لحل الدولتين (أي بنسبة مقاربة للنسبة بين نخبة فتح) فيما قالت بذلك نسبة من 39% فقط من الوسط و18% من اليمين.

إنطباعات النخبة حول صحة معطيات الاستطلاعات:

قمنا بإبلاغ المشاركين في الاستطلاع بنتائج استطلاع للرأي العام ذي مصداقية.كانت هذه النتائج قد أشارت إلى أن أغلبية من الجمهور الفلسطيني والإسرائيلي تؤيد حل الدولتين وتؤيد خطة لتطبيق هذا الحل من خلال رزمة كاملة للحل الدائم فيما لو جاءت هذه الرزمة كجزء من عملية سلام إقليمية في إطار المبادرة العربية للسلام. أعربت الأغلبية من كافة التوجهات (باستثناء اليسار في إسرائيل) عن تشككها بصحة هذه النتائج. فمثلاً، قالت نسبة من 33% من مؤيدي فتح و14% من غير المنتمين و17% من القوى الثالثة و26% من حماس بأن المعطيات صحيحة. قالت نسبة أعلى بين الفلسطينيين بأنها تعتقد بأن هذه النتائج صحيحة بالنسبة للفلسطينيين ولكنها ليست صحيحة بالنسبة للإسرائيليين: 31% من فتح، و26% من القوى الثالثة، و29% من غير المنتمين، و34% من حماس اعتقدوا بذلك.

أما بين الإسرائيليين فاعتقدت نسبة عالية من اليسار (63%) بصحة المعطيات، ولكن 39% فقط من مؤيدي الوسط و10% من مؤيدي اليمين اعتقدوا بصحة ذلك. لكن نسبة أعلى من اليمين بلغت 16% اعتقدت أن ذلك صحيح بالنسبة للإسرائيليين فقط فيما قالت بذلك نسبة من 14% من الوسط و4% من اليسار.

من المفيد الإشارة إلى أن هذه الاعتقادات ليست مخطئة تماماً. تشير النتائج لاستطلاعات الرأي التي تم إجراؤها في ذلك الوقت بين الجمهور ككل إلى أن أقل من نصف الفلسطينيين والإسرائيليين أيدو حل الدولتين. وبالتالي، فإن الشكوك التي أعربت عنها النخبة حيال مواقف الجمهور لدى الطرفين تعكس قراءة واقعية للمواقف في تلك اللحظة.

تأثير المعرفة على آراء النخبة:

سألنا أفراد النخبة، بغض النظر عن آرائهم الشخصية عما إذا كانت المعرفة بأن الأغلبية لدى الجمهور تؤيد حل الدولتين وتؤيد رزمة الحل الدائم لتطبيق حل الدولتين كفيل بجعلهم أكثر أو أقل استعداداً لتأييد هذا الحل، وعما إذا كانت هذه المعرفة لا تأثير لها على آرائهم. قالت أقلية كبيرة من مؤيدي فتح (42%) أن هذه المعرفة تجعلهم أكثر استعداداً لتأييد هذا الحل فيما قالت بذلك نسبة من 21% فقط من القوى الثالثة، و18% من غير المنتمين، و16% من حماس.  من المفيد الإشارة هنا إلى أنه بالنسبة لهذا السؤال، كما هي الحال بالنسبة لمعظم الأسئلة في استطلاع النخبة هذا، فإن أعضاء النخبة من حركة حماس يظهرون ميلاً أو استعداداً مضاعفاً (مقارنة باستطلاع النخبة الأول قبل سنة) للانفتاح على رأي الجمهور وتبني مواقف أكثر اعتدالاً، حيث بلغت النسبة المقارنة آنذاك (أي الذين قالوا بأن معرفة حجم التأييد بين الأغلبية تجعلهم أكثر استعداداً لتأييد حل الدولتين) 8% فقط.

 أعربت الغالبية لدى كافة التوجهات باستثناء فتح عن موقفها بأن هذه المعرفة ليس لها تأثير على آرائهم، حيث قالت بذلك نسبة من 52% من حماس و56% من القوى الثالثة، و56% من غير المنتمين، و45% من فتح. في المقابل، قالت نسبة ضئيلة من كافة التوجهات بأن هذه المعطيات تجعلهم أقل استعداداً لتأييد حل الدولتين، حيث قالت بذلك نسبة من 32% من مؤيدي حماس، و22% من غير المنتمين، و17% من القوى الثالثة و11% من فتح.

جاءت النتائج بين الإسرائيليين شبه متطابقة للنتائج بين الفلسطينيين كانت النسبة الأعلى للذين قالوا بأن هذه المعطيات تجعلهم أكثر تأييداً لحل الدولتين بين مؤيدي اليسار (25%) ثم الوسط (20%) ثم اليمين (14%). قالت أغلبية من كافة التوجهات بأن المعطيات لا تترك أثراً عليهم: 82% بين اليمين، 76% بين الوسط، و75% بين اليسار. وقالت أقلية ضئيلة جداً من كافة التوجهات بأن هذه المعطيات تجعلهم أقل استعداداً لتأييد حل الدولتين: 4% من اليمين، و0% من الوسط، و0% من اليسار.

تشير هذه النتائج إلى وجود تحيز لقبول ما يؤكد المعرفة السابقة: أي أن الاعتقادات المسبقة السائدة لها تأثير قوي على كيفية تناول واستيعاب معلومات ومعطيات جديدة ومدى القدرة على تصديقها. يميل أولئك الذين يرفضون حل الدولتين إلى عدم تقبل معلومات، حتى لو جاءت من مصادر ذات مصداقية تشير إلى وجود أغلبية مؤيدة لمواقف لا يؤيدونها، والعكس بالطبع صحيح. لكنها قد تشير أيضاً إلى أن النخبة تميل غالباً لاختيار مواقفها بناءاً على تحليلها الخاص بها ولا تسمح لمواقف الجمهور بتغيير هذه المواقف بعد أن تتبناها.

 

تأثير المعرفة على سلوك النخبة:

سألنا الطرفين عما إذا كانت المعرفة بأن الأغلبية لدى مجتمعهم تميل لتأييد رزمة للحل الدائم لتطبيق حل الدولتين كفيلة بدفعهم للحديث لصالح رزمة حل الدولتين أو للحديث أو العمل ضد هذه الرزمة.

تشير النتائج بين الفلسطينيين إلى أن أغلبية كبيرة من مؤيدي فتح (70%) على استعداد للحديث والعمل لصالح رزمة الحل الدائم هذه فيما قالت نسبة من 13% فقط أنها ستعمل وستتحدث ضد هذه الرزمة. أما بين مؤيدي حماس فالصورة معكوسة: 34% فقط سيتحدثون وسيعملون لصالح هذه الرزمة و40% ضدها. أما المجموعتين الأخريتين فكانتا أكثر توازناً: 36% من غير المنتمين و38% من القوى الثالثة قالوا بأنهم على استعداد للحديث أو العمل لصالح الرزمة فيما قالت نسبة من 30% من القوى الثالثة و29% من غير المنتمين بأنه سيعملون ويتحدثون ضدها.

أما بين الإسرائيليين فقالت أغلبية من اليسار فقط (55%) أنها على استعداد للعمل أو الحديث لصالح الرزمة فيما قالت نسبة من 10% فقط أنها ستكون ضدها. أما بين اليمين، فقالت نسبة من 42% أنها ستتحدث أو ستعمل ضد الرزمة وقالت نسبة من 16% فقط أنها ستعمل ضدها. أما بين الوسط، فقالت نسبة من 33% أنها ستتحدث أو ستعمل ضد الرزمة وقالت نسبة من 29% فقط أنها ستعمل ضدها. بالرغم من أن النتائج تشير إلى أن الربع فقط بين الوسط سيعملون لصالح الرزمة، فإن ذلك يؤيد ما سبق ووجدناه من أن نسبة أكبر من الوسط تميل لتأييد حل الدولتين من تلك التي تعارضها (في هذه الحالة أكثر بثلاثة أضعاف).

 

3) الربط بين الآراء والمواقف:

1) يميل أفراد النخبة الذين يعتقدون أن الأغلبية في مجتمعهم تؤيد حل الدولتين إلى تأييد هذا الحل وإلى تأييد رزمة حل دائم لتطبيق حل الدولتين. أما الذين يعتقدون أن الأغلبية في مجتمعهم لا تؤيد حل الدولتين فيميلون لتأييد هذا الحل ورزمة الحل الدائم بشكل أقل.

 

2) يميل أفراد النخبة الذين يعتقدون أن الأغلبية في مجتمع الطرف الآخر تؤيد حل الدولتين إلى تأييد هذه الحل ورزمة الحل الدائم لتطبيقه. أما الذين يعتقدون أن الأغلبية لدى الطرف الآخر لا تؤيد حل الدولتين فيميلون لتأييد هذا الحل ورزمة الحل الدائم بشكل أقل.

 

 3) يميل أفراد النخبة الذين يعتقدون بصحة نتائج الاستطلاعات التي تظهر وجود أغلبية من الإسرائيليين والفلسطينين مؤيدة لحل الدولتين ولرزمة الحل الدائم إلى تأييد حل الدولتين ورزمة الحل الدائم لتطبيق هذا الحل. أما الذين يعتقدون بعدم صحة هذه النتائج فهم أقل تأييد لحل الدولتين ولرزمة الحل الدائم.

4) الرغبة والاستعداد للحديث والعمل لصالح حل الدولتين أعلى بكثير بين أولئك الذين يعتقدون أن الأغلبية في مجتمعهم تؤيد حل الدولتين مما هي بين الذين يعتقدون بأن الأغلبية في مجتمعهم تعارض حل الدولتين.

5) الرغبة والاستعداد للحديث والعمل لصالح حل الدولتين أعلى بكثير بين أولئك الذين يعتقدون أن الأغلبية في مجتمع الطرف الآخر تؤيد حل الدولتين مما هي بين أولئك الذين يعتقدون أن الأغلبية في الطرف الآخر تعارض حل الدولتين.

6) الاستعداد للحديث أو العمل لصالح حل الدولتين أعلى بكثير بين أولئك الذين يعتقدون بصحة نتائج الاستطلاعات التي تظهر وجود أغلبية من الفلسطينيين والإسرائيليين مؤيدة لحل الدولتين ولرزمة الحل الدائم.