دين الدولة ودور الدين كمصدر للتشريع
عائشة أحمد
يدور جدل حول دور الدين والشريعة الاسلامية في مشروع الدستور الفلسطيني المقترح يعبر عن قضية خلافية فلسطينية داخلية بين تيارين متناقضين، يرى التيار الأول ضرورة تحديد الاسلام كدين رسمي للدولة واعتبار مبادىء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. أما التيار الآخر فيرى أنه لا ضرورة لتحديد دين للدولة في الدستور كونها ليست شخصا طبيعيا، كما ويطالب بعدم الاشارة للشريعة الاسلامية واعتبارها مصدرا من مصادر التشريع وليس المصدر الرئيسي له.
يشير الجدول المرفق الى أن الدساتير في دول العالم الاسلامية وغير الاسلامية قد اختلفت فيما بينها في تحديد دين الدولة وفي تحديد دور الدين كمصدر للتشريع، فمنها من حدد الاسلام كدين للدولة ومنها من لم يحدد لها دينا معينا. كما ومنها من اعتبر الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع فيما اكتفت دساتير أخرى باعتبار الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسيا من مصادره، وهناك حالات لم ينظم الدستور فيها هذه القضية حتى في الدول الاسلامية.
يصنف الجدول طبيعة المواقف التي أخذت بها الدساتير في خمسة وعشرين دولة وهي: مصر، تونس، تركيا، موريتانيا، ليبيا، اليمن، الكويت، العراق، الجزائر، البحرين، ساحل العاج، المغرب، فرنسا، قطر، السودان، الامارات العربية المتحدة، الاردن، سوريا، لبنان، المملكة العربية السعودية، ايران، الولايات المتحدة الامريكية، الباكستان، ايطاليا، اندونيسيا.
ومن خلال دساتير تلك الدول وجد أن من بين عشرين دستور لدول اسلامية أن ثمانية عشرة دولة منها قد حددت في دستورها ان دين الدولة هو الاسلام بصيغة أو بأخرى. فحددت مصر مثلا في دستورها أن دين الدولة هو الاسلام بالنص الواضح، فيما حدد دستور موريتانيا أن الاسلام هو دين الشعب، وحدد دستور السودان ان الاسلام هو دين غالب السكان، أما دستور سوريا فقد حدد أن الاسلام هو دين رئيس الجمهورية دون تحديد دين للدولة. واكتفى دستور أندونيسيا بالاشارة الى ان الدولة تقوم على الاعتقاد بوجود إله واحد وحيد، أما الدستور اللبناني وبالعودة الى اتفاقات الطائف فقد اكتفى بتحديد دين رئيس الدولة على أنه يجب أن يكون مسيحي ماروني على أن يكون رئيس الوزراء مسلم سني.لم تحدد دساتير لدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وايطاليا دينا للدولة. وأشارت فرنسا في دستورها أن فرنسا جمهورية علمانية ديمقراطية اجتماعية. كذلك فعلت دساتير ساحل العاج وتركيا، وبهذا لم يتم تحديد دين معين للدولة وتم فصل الدين عن الدولة واعتبار كل منهما مؤسسة قائمة بذاتها لها نظامها الخاص بها.
أما فيما يتعلق بدور الدين كمصدر للتشريع فقد تباينت دساتير الدول الاسلامية ما بين تلك التي تعتبر الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وما بين أخرى تعتبرها مصدرا رئيسيا فقط، فيما لم تنظم دساتير أخرى هذه المسألة. حددت تونس مثلا أن الاسلام هو دين الدولة، الا أنها لم توضح مكانة الدين الاسلامي كمصدر للتشريع، وكذلك الحال في دساتير دول كموريتانيا وليبيا والعراق والجزائر والمغرب والاردن. الا ان منها من حدد دور الشعب كمصدر للسلطة، فجاء في الدستور العراقي أن الشعب هو مصدر السلطة وشرعيتها، وجاء في دستور الجزائر ان الشعب هو مصدر كل سلطة فيما حدد دستور اندونيسيا ان الشعب هو مصدر السيادة ويمارسها من خلال مجلس منتخب.
كما حدد دستور الولايات المتحدة ان جميع السلطات التشريعية تناط بكونغرس الولايات المتحدة، ومنحت دساتير ايطاليا وتركيا وساحل العاج وفرنسا الشعب أيضا السيادة بإقرار العلمانية وفصل الدين عن الدولة.
أما دستور مصر فقد اعتبر الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وكذلك جاء في دساتير كل من قطر واليمن والسعودية وايران والباكستان. فيما اعتبر دستور الكويت والبحرين والامارات وسوريا الشريعة الاسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع بجانب مصادر أخرى، فيما اعتبر دستور السودان ان الشريعة الاسلامية واجماع الأمة استفتاء ودستورا وعرفا هي مصادر التشريع. جدول يبين المقارنات بين الدساتير في عشرين دولة إسلامية